سعد بن أبي وقاص

http://www.3llamteen.com/wp-content/themes/Headlines/thumb.php?src=wp-content/uploads/2013/01/s1421.gif&w=200&h=200&zc=1&q=90

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى.. وبعد:
فإن الجنة هي أغلى ما يرجوه ويتمناه المسلم، ومن وعده الله بها فهو لا شك داخلها، فلا رادَّ لموعود الله، وهنيئاً لمن كان من أهلها وساكنيها، وممن أعطاه الله هذه البشرى وساقها إليه نبيه صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه.
فهو رضي الله عنه أحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأول من رمى بسهمٍ في سبيل الله، ودونكم إطلالة سريعة على بعض مزاياه وكريم صفاته وسجاياه رضي الله عنه.
• اسمه ونسبه رضي الله عنه
هو: أبو إسحاق سعد بن أبي وقاص، واسمه مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، أبو إسحاق القرشي الزهري، أحد العشرة، وأحد السَّابقين الأوَّلين، وأحد مَن شهد بدراً، والحديبِية، وأحد الستة أهل الشّورى الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض.
وأمّهُ حمنة بنت أبي سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي.
وبهذا يلتقي سعد رضي الله عنه مع النبي صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه وأمه.
• صفته رضي الله عنه :
ذكر الذهبي في وصفه أنه كان قصيراً دحداحاً – أي القصير الخطى في مشيه مع عجل – غلظاً، ذا هامة، شنن الأصابع – أي أصابعه فيها خشونة وشدة -، جعد الشعر، أشعر الجسد، آدم، أفطس.
وقال إبراهيم بن المنذر: كان هو وطلحة والزبير وعلي عذار عام واحد، أي كان سنهم واحداً.
• زوجاته وأولاده :
تزوَّج سعد رضي الله عنه وعدَّد في الزيجات، ووهبه الله جملة من الأولاد، فكان لسعد بن أبي وقاص من الولد: إسحاق الأكبر وبه كان يكنى درج، وأم الحكم الكبرى وأمهما ابنة شهاب بن عبد الله بن الحارث بن زهرة، وعمر قتله المختار، ومحمد بن سعد قتل يوم دير الجماجم قتله الحجاج، وحفصة وأم القاسم وأم كلثـوم وأمـهـم مـاويـة بنت قيس بـن معدي كرب، وعـامـر وإسحـاق الأصغـر وإسماعيل وأم عمران، وأمهم أم عامر بنت عمرو بن عمرو بن كعب، وإبراهيم وموسى وأم الحكم الصغرى وأم عمرو وهند وأم الزبير وأم موسى، وأمهم زبد ويزعم بنوها أنها ابنة الحارث بن يعمر بن شراحيل بن عبد عوف بن مالك.. وعبد الله بن سعد وأمهم سلمى من بني تغلب بن وائل، ومصعب بن سعد وأمه خولة بنت عمرو بن أوس بن سلامة بن غزية بن معبد.. وعبد الله الأصغر وبجير واسمه عبد الرحمن وحميدة وأمهم أم هلال بنت ربيع بن نري بن أوس بن حارثة.. وعمير ابن سعد الأكبر هلك قبل أبيه وحمنة وأمها أم حكيم بنت قارض من بني كنانة، وعمير الأصغر وعمرو وعمران وأم عمرو وأم أيوب وأم إسحاق وأمهم سلمى بنت خصفة بن ثقف بن ربيعة وصالح بن سعد وأمه طيبة بنت عامر بن عتبة بن شراحيل وعثمان ورملة وأمهما أم حجير، وعمرة وهي العمياء تزوجها سهيل بن عبد الرحمن بن عوف وأمها امرأة من سبي العرب وعائشة بنت سعد.
• في ركب الإيمان:
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أحد السابقين السبَّاقين إلى الإسلام، ومن أوائل من آمن بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم، فقد أسلم رضي الله عنه قديماً.
ذكر ابن كثير أنه يوم أن أسلم كان عمره سبع عشرة سنة.
وذكر الذهبي أنه يوم أن أسلم كان عمره تسع عشرة سنة.
وروى البخاري بسنده عن سعيد بن المسيب أنه قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقول: ما أسلم أحد إلا في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد مكثت سبعة أيام وإني لثلث الإسلام.
• ثبات سعد رضي الله عنه:
ذكر الذهبي وابن كثير وغيرهما أن آية: { وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } (العنكبوت: 8)، نزلت في سعد.
وروى مسلم بسنده عن مصعب بن سعد عن أبيه: أنه – أي سعداً – نزلت فيه آيات من القرآن، قال: حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب، قالت: زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا.
قال: مكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجهد، فقام ابن لها يقال له: عمارة فسقاها، فجعلت تدعو على سعد، فأنزل الله عز و جل في القرآن هذه الآية {وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } (لقمان: 15).
• باقة ورد من فضائل سعد رضي الله عنه:
ذكر الذهبي أن سعداً روى جملة صالحة من الحديث، وله في «الصحيحين» خمسة عشر حديثاً، وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث، ومسلم بثمانية عشر حديثا.
وقال الصفدي عن سعد: أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أهل الشورى، وأحد متقدمي الإسلام، شهد بدراً والمشاهد بعدها، وكان أول من رمى بسهم في سبيل الله، أسر يوم بدر أسيرين، وثبت يوم أحد، وكان من أخوال النبي صلى الله عليه وسلم، وكان مستجاب الدعوة، ويقال له: فارس الإسلام، وكان مقدم الجيوش في فتح العراق، وهاجر إلى المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم.
وفيما يلي نورد جملة من مناقب سعد وفضائله.
• حبُّ النبي صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه ودعاؤه له:
عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن ثلاثة من ولد سعد كلهم يحدثه عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على سعد يعوده بمكة فبكى قال: «ما يبكيك؟» فقال: قد خشيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اشف سعدا اللهم اشف سعداً. ثلاث مرات. رواه مسلم
عن ابن عمر قال: كنا قعوداً عند رسول صلى الله عليه وسلم وسلم قال: يدخل عليكم من ذا الباب رجل من أهل الجنة قال: وليس منا أحد إلا وهو يتمنى أن يكون من أهل بيته، فإذا سعد بن أبي وقاص قد طلع. رواه ابن حبان.
• النبي صلى الله عليه وسلم يجمع لسعد بين أبيه وأمه:
عن عبد الله بن شدَّادٍ قال: سمعت عليّاً رضي الله عنه يقول: ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يُفدِّي رجلاً بعد سعدٍ، سمعته يقول: ارمِ فداك أبي وأمي. رواه البخاري.
وروى عبد الرزاق في مصنفه: أن عائشة بنت سعد، كانت تقول: أنا ابنة المهاجر الذي فداه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بالأبوين.
• رؤيتة للملائكة يوم أحد:
عـن سعـد بـن أبـي وقـاص قـال: رأيـت عـن يمـين رسـول الله صلى الله عليه وسلم وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بياض ما رأيتهما قبل ولا بعد يعني جبريل وميكائيل عليهما السلام. رواه مسلم.
• سعد رضي الله عنه مستجاب الدعوة:
ورد في تهذيب الكمال: وكان – أي سعداً – مجاب الدعوة، مشهوراً بذلك، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه: «اللهم سدِّد رميته وأجب دعوته»
وعن مصعب بن سعد أن رجلاً نال من علي رضي الله عنه، فنهاه سعد، فلم ينته، فدعا عليه. فما برح حتى جاء بعير ناد فخبطه حتى مات.
• سعد رضي الله عنه خال النبي صلى الله عليه وسلم:
حظي سعد رضي الله عنه بمكانة عظيمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول عنه فرحاً به: هذا خالي؛ وذلك لأن سعداً من بني زهرة أخوال النبي صلى الله عليه وسلم.
عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا خالي فليرني امرؤ خاله. رواه الترمذي.
• محبة من نوعٍ فريد:
ذكر ابن حجر في التهذيب: وكان – سعد – أحد الفرسان من قريش الذين كانوا يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم في مغازيه.
وروى مسلم: أن عائشة قالت: سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة، فقال ليت رجلاً صالحا من أصحابي يحرسني الليلة، قالت: فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح، فقال: مَن هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما جاء بك؟ قال وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام.
• أول رام في الإسلام:
قال ابن إسحاق: كان أشدّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة: عمر وعلي والزبير وسعد، يعني ابن أبي وقاص رضي الله عنهم أجمعين.
ولقد أقر له النبي صلى الله عليه وسلم بشدته وقوته على المشركين فقال له يوم أحد: «ارم فداك أبي وأمي»، قال له: ارم أيها الغلام الحزور. رواه الترمذي (والغلام الحزور هو: الشديد القوي الصلب).
وروى البخاري بسنده عن قيس قال: سمعت سعداً رضي الله عنه يقول: إني لأول العرب رمى بسهم في سبيل الله.
وقال جابر بن سمرة: أوَّل الناس رمى بسهم في سبيل الله سعد رضي الله عنه.
• نعم المجاهد ونعم القائد:
ذكرنا فيما سبق أن سعد بن أبي وقاص شهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم.
قال عبد الله بن مسعود: لقد رأيت سعداً يقاتل يوم بدر قتال الفارس في الرجال.
وفي أحد برزت بسالته وصلابته حين وقف يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم كالجبل الأشـم والطود الشامـخ فما هان ولا لان، وما تخاذل وما تكاسل، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يناوله السهام- كما مرَّ- ويقول له: ارم فداك أبي وأمي.
فقد شهد غزوة الخندق
التي تجمَّع فيها المشركون بقضِّهم وقضيضهم وحدِّهم وحديدهم، يريدون اجتثاث الإسلام وتقويض أركانه وإزالة معالم دولته الناشئة، عندها خارت بعض العزائم وارتجفت بعض القلوب إلا أن سعداً رضي الله عنه ومعه مجموعة كبيرة من الصحابة والآل وقفوا صامدين يقدمون حياتهم فداء النبي صلى الله عليه وسلم والدين.
وفي الحديبية
بايع سعد تحت شجرة الرضوان واستحق عندها رضا الرحمن بنص القرآن: { لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا} (الفتح: 18)
وفي خيبر
كان ممن اقتحم حصنها جنباً إلى جنب مع البطل الغالب علي بن أبي طالب
وفي فتح مكة
حمل إحدى رايات المهاجرين إلى أن أيد الله بنصره المبين عباده المخلصين.
ولم يتوقف عطاء سعد رضي الله عنه عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بل إنه استمر مغزاراً مكثاراً، فجاهد في خلافة الصِّدِّيق والفاروق.
ولشجاعته رضي الله عنه وخبرته بالحروب كان قائداً لكثير من فتوحات المسلمين، وأبلى فيها بلاءً حسناً، ومن هذه الفتوحات والمعارك التي شارك فيها فتوح العراق.
ومن أشهر معارك هذه الفتوح معركة القادسية، تلك المعركة الشهيرة التي هزم فيها المسلمون الفرس في خلافة الفاروق بقيادة سعد رضي الله عنه.
• اعتزال الفتنة :
كان سعد رضي الله عنه آخر من مات من العشرة المبشرين بالجنة، بل وآخر المهاجرين موتاً، ولقد أدى ذلك إلى أن يعايش عصر الفتنة التي حلَّت بالمسلمين، وكان له موقف مخالف لما كان عليه الكثيرون، وهو اعتزاله للفتنة وعدم مشاركته بأي دور، أو انتمائه لأي صف.
قال الذهبي: وسعد كان ممن اعتزل علياً ومعاوية.
وقال أيضاً: اعتزل سعد الفتنة فلا حضر الجمل ولا صِفِّين ولا التحكيم، ولقد كان أهلاً للإمامة، كبير الشأن رضي الله عنه.
• وفاته رضي الله عنه:
ذكر ابن سعد في الطبقات: أن سعداً قد مات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، فحُمِل إلى المدينة على رقاب الرجال، فدفن بالبقيع، وذلك سنة خمس وخمسين، وصلَّى عليه مروان بن الحكم، وهو يومئذ والي المدينة لمعاوية، وكان سعد يوم مات ابن بضع وسبعين سنة وكان قد ذهب بصره، هكذا قال محمد بن عمر في وقت وفاته، وقال غيره: توفي سنة خمسين.
وذكر ابن حجر أنه مات سنة إحدى وخمسين، وقيل: ست وقيل: سبع وقيل: ثمان، والثاني أشهر، وقد قيل: إنه مات سنة خمس، وقيل: سنة أربع.
رضي الله عن سعد بن أبي وقاص، وحشرنا معه في جنة الخلد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

بامكانك تحميل المطوية بصيغة Pdf من هنا